Wednesday, September 19, 2007

تمرد

شعر بصخب شديد فى رأسه وكأن أفكاره قد قررت التمرد عليه فجأة ، وراح عبثاً يحاول تنظيمها ، ولكن لسبب ما شعر أنه لن يستطيع ، ربما لأن الأفكار هى فى نظره كائنات مستقلة بذاتها وهى التى يمكنها ان تقرر مصيرها لا هو . او ربما لأنه لا يملك القدرة على ذلك ؟
انه لا يدرى ما هو السبب بالضبط ؟
حاول أن يتجاوز ذلك الأمر مؤقتاً حتى لا تزداد حيرته ، وكاد ان يتوقف حتى عن المحاولة حتى وجدها تبرق فى ذهنه ، تلك الفكرة العجيبة والمنطقية فى نفس الوقت . وشعر للحظة باستحالة تنفيذها . ولكنه عزم على المحاولة ويكفيه شرفها . لقد قرر ان يتعامل مع افكاره بشكل مختلف قليلا ، وكان متأكداً انه لن يخسر كثيرا .
كانت خطته بسيطة للغاية ومبتكرة فى آن واحد ، وهى عبارة عن اقتراح عرضه على عقله بكل ما فيه من افكار مضطربة لا تجد براً ترسو عليه . كان الاقتراح ببساطة هو ان يتولى ادارة افكاره ولكن بشكل رسمى ، على ان تقوم الأفكار بعمل استفتاء على قبوله او رفضه . شعرت الأفكار حينها بالزهو لأنه صار يقدرها حق تقديرها وتوقف عن اهانتها واستغلالها اسوأ استغلال ، دون ان ترى ابتسامته الساخرة التى ارتسمت على فمه حين وافقوا على اقتراحه الذى وجدوا فيه كثيرا من الإنصاف لهم !
بدأت الأفكار تعقد انتخابات ليس فيها سوى مرشح واحد ، او بمعنى اصح استفتاء على قبوله من عدمه ، رغم ان الجميع كان على يقين تام ان النتيجة ستكون فى صالحه فى النهاية ، إلا ان هذا لم يمنع وجود بعض المعارضين حتى تكتمل الصورة ، وبالفعل امتلأت تلافيف عقله بلافتات التأييد والرفض ، وقد شعر حينها بصداع نصفى جعله يفكر فى العدول عن الفكرة من البداية ، ولكنه تحمل من أجل مستقبله ، فربما يتمكن من النجاح فى مهمته ويصنع لنفسه اسماً فى مجال هو الأول من نوعه !!!!!!!!!!!!!!!
مر وقت ما لم يستطع تحديده . وحينما حانت لحظة الحسم ، وجد نفسه فى مقابل جميع الأفكار وفى مقدمتهم أعقلهم وأكبرهم سناً ، وكانوا يحاولون عقد مقارنة بينه وبين مرشحين آخرين لا وجود لهم ، ربما فقط لإقناع أنفسهم بأنها انتخابات حقيقة ، وانتظر الجميع لحظة اعلان النتيجة .
جلس حينها وابتسامة الثقة تملئ فيه ، أغمض عيناه وراح يتخيل ملامح الفترة المقبلة ، ومن فرط الثقة غفا قليلا ً .

" والآن نعلن على الجميع نتيجة الإستفتاء " كانت تلك هى الجملة التى استيقظ على إثرها فجأة ليعود من جديد يتابع وقائع ذلك الحدث الفريد من نوعه .

استمرت تلك الفكرة ذات الصوت الجهورى فى التمهيد التقليدى للإعلان عن الفائز ، صمت قليلا قبل ان يعلن اسم مديرهم الجديد وأول من سيتولى هذا المنصب ، كان الجميع فى صمت بما فيهم صاحبنا الذى شعر بدقات قلبه تزداد خاصة مع هذا الأسلوب المثير الذى اتبعته تلك الفكرة ، احتبست انفاس الجميع و ......

" اننا نهنئ انفسنا لأن الفائز هو أحدنا ، بالفعل لقد جائت اللحظة التى انتظرناها طويلاً ، هنيئاً لنا بالإستقلال "
كانت تلك هى الجملة التى اخترقت أذنه وقلبه كالسهم النافذ معلنة هزيمته ، كانت ايذاناً ببدء الاحتفالات الصاخبة داخل رأسه .
لم ينتبه لإسم الفائز ، ما يهمه انه فشل ، فشل حتى مع عقله !
مادت به الأرض وشعر انه فقد وعيه بالفعل ، وخُيل اليه ان ما يحدث ليس حقيقة وانه أضغاث أحلام . تخيل السيناريو الأسوأ ، و......

" لحظة , اننى لم اقل رأيى بعد !! "

فجأة ساد الصمت المكان وانتبه الجميع لهذا الصوت الصغير . أما هو فلم يستطع استيعاب ما حدث ، فاكتفى بمتابعة ما يحدث .

" من انت ؟ " سألته الفكرة التى اعلنت اسم الفائز
" لا يهم من انا ، المهم هو اننى لم أُدلى بصوتى بعد فى هذا الإستفتاء ! " قالتها تلك الفكرة الصغيرة
" وهل تعتقد ان ذلك من حقك ؟ "
" نعم ، ولم لا ؟ "

شعر صاحبنا ببارقة أمل تبدو فى الأفق القريب ، ولكنه انتظر ليرى ما ستسفر عنه تلك الأحداث .
رأت مجموعة الأفكار العاقلة ضرورة السماح لتلك الفكرة بقول رأيها ، خاصة انها تنتمى اليهم ولن تخذلهم !

سأل نفسه وهو يتصبب عرقاً من فرط الإثارة : " هل يمكن أن تقع تلك المعجزة ؟ "
فوجئ بجميع الأفكار ترد على سؤاله بالإجماع وتقول : " انتظر لترى ما سيحدث ، من يدرى ؟ "

أراد أن يضحك ولكنه لم يملك حينها هذا الترف . فقد كان يشعر بقلق شديد .

تنحنحت تلك الفكرة الشابة قبل ان تقول : " اعلم اننى ابدو لكم صغيرا ، وربما لا تأخذوا برايى ، ولكنى هنا لأذكركم بأمر هام للغاية . اعترف اننا كائنات مستقلة بذاتها ، ولكن هذا لا يعنى اننا نملك حق تقرير مصيرنا بدون هذا الرجل البائس . اننى لا ادافع عنه ، بالعكس فانا أُؤيد وبشدة ان نستقل استقلال كامل ، ولكن ! ماذا اذا كان هذا الاستقلال يعنى فناؤنا ، نعم فناؤنا . فالعلاقة بيننا وبينه هى علاقة تبادلية ، أى أننا نفنى اذا تخلى عنّا ، وهو كذلك . لذا وبدون الإستطراد أكثر من هذا ، أعلن تأييدى لهذا الرجل ، وأعتقد اننى قد حسمت المسألة لصالحه بهذا الاختيار . وشكراً "

شعر حينها بزهو شديد وعادت الإبتسامة الى وجهه ونهض من فوق الأرض وبدأ يستعد لتولى مهام منصبه الجديد . وهو لا ينكر انه شعر بداخله بثقة شديدة جعلته يعتقد انه صار مغرورا . ولم لا ؟ لقد حُسمت الأمور لصالحه ولن يعانى بعد الآن ، ابتسم وابتسم وشعر انه يمسك الدنيا بكلتا يديه .

أما الوضع فى الجانب الآخر فحدث ولا حرج ، لقد قُتلت أحلامهم فى مهدها ، وعجز الجميع عن قول اى شئ وكان الحزن هو عنوان حياتهم بعد هذه اللحظة .
مر بعض الوقت كان خلالها يتناول طعامه سعيداً ثم ذهب ليغتسل ليعود لمشاهدة التلفاز ، وكان يضحك بشدة رغم انه لم يكن يشاهد فقرة كوميدية او شئ من هذا القبيل .........
كل هذا والأفكار لا تحاول حتى ان تتحدث لبعضها حتى لا يلاحظ شيئاً ، ولكنه لم يكن يعلم ما ينوون فعله ، ذلك لأنهم قرروا الاستعانة فى تنفيذه بقدراتهم البدنية وان كانت هزيلة ، فهى كائنات هلامية تشبه الأميبا فى تكوينها ، او هكذا كان يعتقد . بدأوا فى الوقوف جنباً الى جنب مكونين صفوف متوالية، وعندئذ بدأوا فى الركض بسرعة شديدة فى كل مكان وبشكل عشوائى منظم فى الوقت نفسه .
لم يلتفتوا لذلك الصغير الذى كان يحاول إثناؤهم عن تنفيذ هذا المخطط اللعين ، وكانوا يسخرون منه ويقولون : " فلتصمت . ألا تدرى أنك السبب الرئيسى فيما سيحدث ؟! " بُهت وصمت وراح يساعدهم خاصة عندما شعر أنه جزء منهم وعليه أن يتبعهم مهما كان الأمر .
أما هو فقد عاد اليه حينها ذلك الصداع النصفى اللعين مرة ثانية ، حاول ان ينهض ليبتلع حبة دواء علّها تخفف الألم ، ولكنه لم يتمكن من النهوض ، شعر ان خلايا عقله تحترق ، بل وخُيل له انه شاهد الرماد يتصاعد من رأسه واستنشقه بالفعل ، ولكنه لم يكن متأكداً مما يحدث لأنه كان على وشك أن يفقد وعيه، بل لقد فقد وعيه تماما بعد ان صرخ كثيراً وهمهم بكلمات غير مفهومة .
عندما توقف صراخه راحوا يحتفلون بعبقريتهم ومحاولين استغلال فرصة غيابه عن الوعى لتحديد اسلوب التعامل مع عقله فى الفترة المقبلة ولكنهم تناسوا الكارثة التى حلت بهم ، فقد كان تأثير فعلتهم عظيماً سواء عليهم او عليه، خاصة عندما فقد وعيه وكاد أن يفقد عقله ولهذا أثر سلبى عليهم بالطبع ، لأن وجودهم مرتبط بوجوده ، ناهيك عن احتراق بعض خلايا عقله بالفعل وهو ما يعنى تشريد العديد من الأفكار وتدمير البنية التحتية لمدينتهم الصغيرة . بدأوا يتساقطون الواحدة تلو الأخرى وحاول ممن تبقى منهم أن يصرخون مطالبين المساعدة ، ولكنهم نسوا ان صوتهم لن يصل ابدا لأن الوسيط غائب عن الوعى ان لم يكن قد مات بالفعل . ولم يتبق لهم حينهاا الوقت الكافى حتى للشعور بالندم لأنهم لم يُنصتوا لذلك الصغير الذى قام بتحذيرهم .

يبدو أنه حتى صاحب الأفكار لا يملك حق تقرير مصيرها ... !

http://www.alorgwan.com/vb/showthread.php?t=3203
http://www.kheal.com/vb/showthread.php?t=4045
http://www.mehbara.com/vb/showthread.php?t=6023&highlight=%CA%E3%D1%CF
http://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=5379
http://www.alzaker.com/vb/showthread.php?t=13836
http://vb.masrya.com/showthread.php?t=65753
http://www.tabluha.com/vb/showthread.php?t=4027
http://www.7oob.net/vb/t102165.html
http://www.al-7oub.com/vb/showthread.php?t=10317
http://www.facebook.com/topic.php?uid=7457639291&topic=3873
http://www.slangonline.com/invi5/index.php?act=ST&f=2&t=3723
http://www.facebook.com/topic.php?topic=5315&uid=6834179946
http://www.facebook.com/topic.php?topic=4316&uid=8348501383
http://www.facebook.com/topic.php?uid=8905298582&topic=4462&ref=mf
http://www.facebook.com/topic.php?topic=4132&uid=13734210662
http://www.facebook.com/topic.php?uid=6834179946&topic=5425
http://www.halwasat.com/content/view/2141/111/
http://www.facebook.com/topic.php?topic=4029&uid=18812549168
http://www.ranmaro.com/vb/showthread.php?t=171
http://www.halwasat.com/content/view/2141/111/

No comments: