Friday, February 8, 2008

الجزء الثانى من حين ميسرة

* هكذا هتف صديقى !!
سألته ماذا يقصد ؟ فعلى حد علمى لم ينتهى عرض ( حين ميسرة ) للمبدع خالد يوسف بعد فى دور السينما حتى نسمع عن جزء ثان ، ناهيك عن ان المخرج نفسه لن يخاطر بجزء ثان قبل ان يرى ردود الفعل على الفيلم الأول . حقيقة لم افهم ما يقصده صديقى ؟
" إنها ( يوتوبيا ) " وعندها فقط فهمت كل شئ ..
-------
قبل أسبوع كنا ، انا وهو ، نتجول بين أروقة المعرض ، وعندما اقتربنا من المكان المخصص لإصدارات دار نشر ( ميريت ) ، لمحت عنوان رواية ذات غلاف أنيق للعبقرى " أحمد خالد توفيق " بعنوان ( يوتوبيا ) . حقيقة لم افهم لماذا يكتب د. احمد مثل هذه الكتابات وقد عهدته واقعيا وغير تقليدى.
طلبت من صديقى ان يبتاع نسخة لى بعد ان غادرت المعرض دون ان ابتاع نسخة لى .
وبعد ان حصلت منه على نسختى وجدته يهاتفنى قبل ان ابدأها و " الجزء الثانى من حين ميسرة"
اه الآن فقد قد فهمت . ان الرواية يمكن تصنيفها تحت بند الخيال العلمى ، ولكنها تتنبأ بمستقبل مظلم لهذا البلد ، والكارثة انك ،وان لم تقوى على تصديق حدوث كل هذه الأشياء ، تشتم بين السطور رائحة الواقع . فالكاتب يتنبأ وقوع بعض الكوارث فى مصرنا الغالية والمنطقة والعالم باسره ، وهو تنبأ لا يعدو سوى قراءة للواقع وتوقع الأسوأ ومعه كل الحق فى ذلك .
لقد تخيل ان الخليج العربى قد فقد ميزته المتمثلة فى النفط ، ليس فقط لأنه قد نضب ، بل وايضا بعد اكتشاف مادة اكثر فاعلية صارت هى الوقود فى ذلك العصر تسمى ( البايرول ) .
بل ويتوقع ازدياد نفوذ اسرائيل بمساعدة حليفتها الحالية وتوصلها لافتتاح قناة مائية تصير بديلا لقناة السويس لتفقد مصر بذبك مصدر من اهم مصادر دخلها القومى .
ناهيك عن اتساع الهوة بين الأغنياء،الذين تزداد ثرواتهم يوم بعد يوم ، وبين الفقراء الذين يزدادوا فقرا يوم بعد يوم .
تخيل الكاتب من وحى مارينا وناسها ، ان هؤلاء الأغنياء سينشأون مستعمرة يطلقون عليها ذلك الإسم الأفلاطونى ( اللامكان ) او ( يوتوبيا ) وتصير هى عالمهم الذى يحرسه جنود مرتزقة امريكيو الجنسية ، بينما يعيش الأغيار ( وهى تسمية تعيد للاذهان الإسم الذى يطلقه اليهود على غير اليهود ( גויים ) اى الأغيار ) ، يعيش الأغيار من المصريون العادة خلف هذه الأسوار وقد صار حالهم جميعا اسوأ من حال ابطال فيلم ( حين ميسرة ) ، حيث ترى احدى نبؤات الأفلام الأمريكية بنهاية العالم ، حيث استطاعت امريكا تنفيذ مشروعها ( الشرق الأوسط الكبير ) وصارت الأمور كلها سمك لبن تمر هندى ذو جودة عالية .
وهكذا انقسمت مصر فى الرواية بين يوتوبيا ، التى ينعم اهلها بكل ملذات الدنيا حتى المخدرات.وبالنسبة لنقطة المخدرات بالتحديد ، فقد توقع الكاتب ان ( الفلوجستين ) سيصير موضة العصر بالنسبة للأغنياء ، بينما تنتشر الأصناف الرديئة والرخيصة كالكُلة وما شابه ، وكأن الجميع ، أغنياء كانوا او فقراء ، يرغبون فى الهروب من الواقع سواء بفقدان الأمل فى الحياة بالنسبة للفقراء او بسبب المل بالنسبة للاغنياء. ويتوقع ظهور بديل أكثر فاعلية من الفياجرا ، ويشير بشدة الى تكاثر الأغيار بمعدل يفوق اهل يوتوبيا أنفسهم ، ورغم الحياة القاسية التى يحياها الاغيار الا ان التكاثر صار هوايتهم الوحيدة .
ويشير فى سخرية الى بعض المتدينيين داخل اسوار يوتوبيا الذين رفضوا الأسلوب الذى اتبعته الشرطة فى تقليل عدد الأغيار ( الإخصاء الإجبارى ) وأعلنوا ان تسميم الطعام وسيلة لا تجعلنا نتحمل الوزر . وأنهم يفعلون ما يفعلون ويذهبون لأداء العمرة وكأن شيئاً لم يحدث .
حتى الصحافة يتوقع انها ستكون صفراء فقط فى عالم الأغيار ، بينما كدابين الزفة هم ابطال مسلسل الصحافة فى يوتوبيا حيث تمجيد الأثرياء .
ويتوقع توقف الحكومة بشكل كامل عن رعاية الشعب ، بل يتوقع اختفاء الحكومة نفسها ليصير عالم الأغيار خرابة كبيرة .
ناهيك عن ان الكتب ستصير شئ غير ذو قيمة ، فمن هذا الذى سيهتم بالقراءة فى عالم صارت الحياة نفسها ترفاً.
لقد أبدع د. احمد خالد توفيق أيما ابداع رغم سوداوية الرواية ، ولكننى للأسف أراها واقعية بشدة ، وان كان الامر سيستغرق وقت اطول لحدوث كل هذا .

No comments: